السياسة بغير طريقة!

صديقتنا وزميلتنا سابقاً فكتوريا الخوري زوين كتبت عن تجربتها كمرشحة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في لبنان

فيكتوريا الخوري زوين

ليلة الأحد، مباشرة بعد الانتخابات، سألني ابني الأصغر ريكاردو، عما إذا كنت حزينة … قلت له بأنني لا أشعر بأي ندم، وهذا الشعور العظيم أقوى بكثير من الشعور بالحزن وأخبرته بأنه في هذا اليوم 6 مايو 2018 لن يشعر الكثير من اللبنانيين بالشيء نفسه … كنت أقصد الأشخاص الذين لم يصوتوا في الانتخابات البرلمانية.

دعونا نعود لتقييم استراتيجيتنا لهذه الانتخابات. قررنا أن نكون جزءاً من ائتلاف في جميع أنحاء لبنان، وأردنا التأكد من توحيد جميع حركات “المجتمع المدني”. (سأتوقف قليلاً عند شرح هذه العبارة فلنتفق أنه في اللحظة التي قررنا فيها أن نكون جزءاً من هذه الانتخابات أصبحنا لاعباً سياسياً، وبالتالي تمثل عبارة “المجتمع المدني” فقط هذا الزخم المتولد من خارج الأحزاب السياسية التقليدية التي كانت جزءاً من النظام). تمثلت استراتيجيتنا بوضع قائمة في جميع أنحاء لبنان تحت ثلاثة معايير وهي: لا تحالفات مع أحزاب من البرلمان أو من الحكومة أو أحزاب دينية. كانت “كلنا وطني” اللائحة الوطنية الوحيدة ذات التحالفات المنتظمة في جميع أنحاء لبنان، حيث مثلت ما مجموعه 66 مرشحاً في 9 محافظات. ركزنا كثيراً على هذا التحالف، حيث استغرق منا عدة أشهر ومئات الاجتماعات من أجل إنشاء اتفاقية سياسية والإعلان عن قوائمنا. كان ذلك قبل أسابيع قليلة من الانتخابات. وتعد هذه فترة قصيرة جداً للمجموعات الجديدة التي تضم مرشحين “عاديين” ذوي التمويل المحدود جداً في مواجهة “الحيتان” التي تملك المال والسلطة.

أين خسرنا؟

خسرنا عندما لم نتمكن من إقناع الناس بالذهاب للتصويت! خسرنا لأن أكثر من نصف اللبنانيين لم يؤمنوا حقاً بأننا نستطيع فعل أي تغيير. كانوا خائفين من الانتهاكات، وقالوا لنا “لن يسمحوا لكم أبداً بالفوز”. ربما لم ننجح في إلهامهم، أو أنهم لم يثقوا بنا بما يكفي، ولم يصوتوا!

أين فزنا؟

لقد تمكنا من الحصول على مقعد نيابي وعلى ما يقارب من 40,000 صوت في جميع أنحاء لبنان (على أي حال هذا ما حصلنا عليه بعد آلاف الانتهاكات). تمثل هذه الـ 40,000 طريقة جديدة لممارسة السياسة في لبنان، وتمثل الناس الذين ينادون بدولة مدنية، وتمثل الناس الرافضين لخرق القانون والدستور وسرقة بلدنا، تمثل الناس الرافضين للعيش في بلد بلا حقوق أو أمن أو تعليم مجاني أو رعاية صحية أو بنية تحتية. لا يمثل هؤلاء الـ 40,000 طائفة أو منطقة معينة، بل نحن الكتلة الوحيدة في لبنان التي تميزت بالتنوع اللبناني الحقيقي.

ممارسة السياسة بشكل مختلف

على المستوى الشخصي، وعدت نفسي بأن أقوم بحملة نظيفة وأن لا أفقد أياً من أصدقائي بسبب السياسة وأن لا أخسر مصداقيتي. وتمكنت من القيام بذلك، فطرحت طريقة جديدة للحملات في لبنان! كان شعاري “بغير طريقة” وهذا كان مهماً جداً بالنسبة لي. كان يعني العمل السياسي بطريقة مختلفة، ومناقشة القوانين بطريقة مختلفة، وتغيير الأولويات، وبالتأكيد العيش بطريقة مختلفة. وهذا يعني أيضاً إقامة الحملات بطريقة مختلفة.

لقد رفضت خرق أي قانون عن طريق وضع صوري في أي مكان عام؛ فلم أضع صوري على الجدران أو على أعمدة الكهرباء، ولم أضع لافتات في الشوارع في حين قام بذلك جميع الأحزاب الأخرى. لم أدفع مقابل أي لوحة إعلانات بل أطلقت حملة على فيسبوك اسمها “#على_شرفة_جيراني” و “#على_سيارات_أصدقائي” وقمت بوضع صوري على شرفات وسيارات الأشخاص، وبعضهم لم أكن أعرفه حتى. لم أقم بجمع فريقي في فندق فاخر، بل كان تجمعنا في سهرة حول النار وليلة كاريوكي. لم أشتر أياً من الأصوات، بل نظمت مناسبة احتساء الشاي كحدث لجمع التبرعات، وعلى الرغم من أن الناس في لبنان غير معتادين على ذلك، لكنني تلقيت الكثير من الدعم، إما النقدي أو العيني. خلال هذا الحدث، كان أبنائي يلعبان الموسيقى كوسيلة للترفيه. والأهم من ذلك، أنني استندت في حملتي على التواصل المباشر، فكنت أذهب مع فريقي وأصدقائي كل يوم إلى مدينة جديدة، ونقوم بتوزيع برنامجنا وكتيباتنا. شاركت حتى في سباق للسيارات مع جمعيات شبابية … للأسف لم يترجم الحماس الذي شاهدناه مع هؤلاء المواطنين والرسائل التي تلقيتها كل يوم في صناديق الاقتراع.

قال لي رافاييل “ماما، لا يمكنك أن تنجحي في السياسة، فالناس يحبونك، الا انهم لا يخافون منك، وهذا هو المفتاح الوحيد للنجاح في السياسة اللبنانية”.

في أحد الأيام سأثبت له بأنه على خطأ، ليس هذه المرة، لكن في يوم من الأيام … بنيت حملتي على الأمل – لا على الخوف – وسأواصل القتال على طريقي، لأنني أؤمن بلبنان، أؤمن بلبناني!

من هي فيكتوريا الخوري زوين:

ناشطة سياسية ومناصرة لحقوق المرأة، عضو مجلس بلدي منتخب ومرشحة للانتخابات البرلمانية في عام 2018. تم انتخاب فيكتوريا مرتين عضواً في مجلس بلدية سن الفيل. قامت بتدريب البلديات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على التخطيط الاستراتيجي والتنمية المحلية، كما دربت آلاف النساء على تطوير قدراتهن وإشراكهن في السياسة في لبنان والبلدان العربية. فيكتوريا هي أيضاً مديرة الجمعية الوطنية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية (ONDES)، التي ترتبط من خلالها بالنساء اللواتي نجحن في الانتخابات البلدية من خلال برنامج “هي، من أجل لبنان”. فيكتوريا هي واحدة من مؤسسي تجمع “نساء في البرلمان” الذي تم إطلاقه في عام 2012 لإيمانها بأهمية التنسيق بين جميع منظمات المجتمع المدني من أجل دعم المرأة للوصول إلى مراكز صنع القرار. فيكتوريا هي أيضاً رئيسة مجلس قضاء المتن في “حزب سبعة” وأحد مؤسسي الحزب.

تابعوا فيكي على فيسبوك و تويتر و انستجرام

الموقع الإلكتروني: www.vicky.vote

النسخة الإنجليزية من هذا المقال متوفرة على هذه الرابط.

Related Posts

Selected Clients & Partners